ماذا لو كان الشهيد ربيش نائباً لرئيس الجمهوية؟

كتابات رأي

الأحد, 06-09-2020 الساعة 12:04 صباحاً بتوقيت عدن

عندما  بلغني خبر استشهاد الزميل النائب ربيش علي وهبان عضو مجلس النواب اليمني عن إحدى دوائر الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء منذ ثلاثة أيام، تذكرت ذلك الرجل النبيل الشهم البسيط الشجاع، التلقائي المملوء بالنخوة والإباء وهو يواجه المنكرات ويؤازر الحقوق قبل وأثناء الثورة الشبابية السلمية في صنعاء.

كان ربيش بسيطاً لكنه كان صلباً وعنيداً. كان تلقائيا لكنه كان صاحب نخوة وشهامة عند أشد المواقف، كان زاهدا في الكلام لكنه عندما كان يتحدث يغرق الساحة بالصدق والجدية والجيشان النابع عن نفسٍ أبية وروحٍ وثابة لا تعرف المخاتلة والمراوغة.

كان يقول: أنا لا أثرثر كثيراً لكن عند الشدائد دعوني في المقدمة، وقد استشهد في المقدمة حينما هرب الكثيرون إلى البقاع الآمنة والمترفة بالرفاهية والبذخ.

لم يدلِ الشهيد ربيش بالتصريحات النارية، ولم يتسابق مع المتسابقين على القنوات الفضائية، كما لم ينافس على أفضل جناح في فنادق الخمسة نجوم، لكنه نافس على أقرب جبهة للتماس مع العدو.

بعد استشهاده تداول ناشطو التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية من محبي الزميل الشهيد وزملائه تصريحات وأحاديث له يكرس فيها تلك الشخصية الرائعة التي عرفتها عنه منذ تاريخ 11/5/2003م وتقول أحد التغريدات أنه اعتذر عن الذهاب إلى اسطنبول لإجراء مقابلة تليفزيونية مقابل حصوله على تذكرتي السفر مجانيتين وإقامة اسبوع في أحد فنادق النجوم الخمسة في اسطنبول، وقال: لن أقابل أي صحيفة أو محطة أو إذاعة إلا في جبهة القتال ومن أراد أن يقابلني فليأتِ إلي في مترسي، ولن أذهب إليه في فندقه.

لم يُقتل الشهيد ربيش في شقرة أو قرن الكلاسي، ولا في نصاب أو حبان ولا في التربة أو المعافر، بل استشهد في مأرب دفاعاً عما تبقى مما لم يسلِّمْه القادة الشرعيون للحوثيين. 
وأعود للحديث عما أدلى به الشهيد ربيش، عندما قال، أنا وروحي ودمي وعيوني وأولادي وأهلي وكل ما أملك نذرٌ لهذا الوطن، ولن أبخل بأي شيء من كل هذا وسواه من أجل الحرية والكرامة والعزة.

عندما قال هذا لم يكن يزايد أو يصنع لنفسه حملة دعائية لتحسين صورته أو للترويج لأملاكه واستثماراته، بل كان صادقاً وقد برهن على صدقه يوم استشهاده في إحدى جبهات المواجهة.

بعد انتشار نبأ استشهاد الزميل ربيش تساءلت: ماذا لو كان الشهيد نائباً لرئيس الجمهورية أو وزيرا للدفاع؟ هل كانت الأمور ستسير كما سارت عليه وهل كان الحوثيين سيستريحون ويسترخون هذا الاسترخاء على مدى ست سنوات؟ ثم بماذا يتميّز هؤلاء القادة عن أمثال الشهيد ربيش؟ بل بماذا يستطيعون أن يتنافسوا معه أو يجارونه، شجاعةً ونقاءً وتضحيةً وصدقاً وأمانةً وإقداماً؟ بل من أين لهم أن يمتلكوا هذه الصفات التي يفصل عنها ما يفصل السماء عن الأرض؟

لا يمكن أن يكون أمثال الشهيد ربيش في تلك المواقع الحساسة، لأنها محجوزة لعينة محددة من البشر ممن لا يمكنهم التحلي بخصاله والإيمان بما يؤمن به.

لك المغفرة والرحمة من لدن الغفور الرحيم أيها الزميل الشهيد ولروحك الخلود في جنات النعيم مع الشهداء والصديقين.

- من صفحة الكاتب على فيسبوك 

كلمات مفتاحية: مأرب الحوثيون الحرب في اليمن